05 - 05 - 2025

مؤشرات | تصرفات "ترامب" جنونية بشهادة أمريكية

مؤشرات | تصرفات

مجنون أمريكا الجديد "دونالد ترامب"، وربما "مجنون العالم"، هذا أقل وصف يقال عن الرئيس الأمريكي، المتهور وغير المنضبط في تصرفاته، والذي يتكلم بلغة تاجر العقارات، وليس حتى "المطور العقاري"، والفرق كبير بين التعبيرين، خصوصا عندما يتكلم في السياسة وإدارة شؤون الدول، دون أن يعرف شيئا عن القوانين والشرعية الدولية.

فكيف لرئيس دولة أن يقول أو يقترح، وهو يتحدث في مؤتمر صحفي، عن "استيلاء" الولايات المتحدة على قطاع غزة وإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع بدول مجاورة.

وكان من الطبيعي أن تكون هناك ردود واسعة على مثل هذا الهراء، وعلى كلام رفضته كل مصر والأردن، بشأن دعوته البلدين لاستقبال وتوطين فلسطينيي القطاع، وربما أيضا سكان الضفة، التي تتعرض حاليا لحرب صهيونية، بأسلحة وأموال أمريكية.

هذا الجنون من ترامب، هو ما وصفته صحيفة "وول ستريت جورنال الأميركية" بأن فكرة ترامب "مجنونة"، وفقا لأحد جامعي التبرعات الموالين لإسرائيل، ومثل تلك السياسات في ظل المتغيرات تجعل تنفيذها أمر بالغ الصعوبة.

وهذا نفسه ما أكد عليه "كريس ميرفي" السيناتور الأميركي الديمقراطي، مبينا أن اقتراح ترامب يؤكد أنه "فقد عقله تماما"، وسيؤدي غزو الولايات المتحدة لغزة إلى مذبحة لآلاف الجنود الأميركيين وحرب في الشرق الأوسط لعقود، مضيفاً "إنها مثل مزحة رديئة".

ومن الواضح أن جنون ترامب لك يعلم به أحد، وأنه من نبت أفكاره المجنونة، فكثير من المسؤولين من خارج الدائرة المقربة لترامب لم يعلموا بفكرة السيطرة على غزة خلال التخطيط للاجتماع برئيس الوزراء الإسرائيلي.

ووفقا للإعلام الأمريكي، فإن إعلان ترامب عن السيطرة على غزة والتطلع إلى ملكية أميركية طويلة في الأمد في القطاع المدمر، تشكل تحولًا لافتًا في سياساته خاصة أنه خاض حملته الانتخابية على أساس تقليص دور أميركا في الخارج.

وحسب تحليل لصحيفة "وول ستريت جورنال" فإن من شأن فكرة سيطرة أمريكا على غزة، - وهي من المناطق المتنازع عليها - ستقحم الولايات المتحدة في قلب أعقد النزاعات في العالم، مما يثير احتمال أن ترامب قد يورط واشنطن في هذا النوع من النزاعات الخارجية التي قال للناخبين إنه سيتجنبها.

وحديث "مجنون أمريكا"، المعسول، بأن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة وسنقوم بعملنا معه أيضًا، وسنكون مسؤولين عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى في الموقع"، وقوله "إذا لزم الأمر، فسنفعل ذلك، وسنستولي على تلك القطعة، وسنطورها، وسنوجد الآلاف والآلاف من الوظائف، وستكون شيئا يمكن للشرق الأوسط بأكمله أن يفخر به"، فما كل هذا إلا كذب، ومخطط لحماية الكيان الصهيوني، والمنبوذ شعبياً، على الأقل من شعوب المنطقة مع العدوان على المستمر أراضي دول الجوار.

ويبدوا أن ترامب غير قارئ للقوانين الدولية، فلا يستطيع ترامب الاستيلاء على أراضي الآخرين، خصوصا انه وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، أصبح استخدام القوة محظورًا دوليا، ووفقا للقانون الدولي، ووفقا للأسس التي قامت عليها الأمم المتحدة.

حتى أنه وعندما سال أحد الصحفيين "ترامب" في مؤتمره الصحفي مع الإرهابي ومجرم الحرب "بنيامين نتنياهو"، عن أي سلطة تلك التي تخول للولايات المتحدة القيام بالاستيلاء على أراضي الغير، "فلم يقدم إجابة واضحة" مشيرا فقط إلى أنها ستكون "ملكية طويلة الأمد"، بل وصلت بجاحته أنه لا يستبعد استخدام القوات الأميركية.

ومن الواضح أن ترامب جاهل بكل القوانين الدولية، وليس لديه أدنى فكرة عن أن محكمة العدل الدولية أكدت بأن غزة أرض محتلة، وأن هذا الاحتلال غير قانوني وفقًا للقانون الدولي، وعلى المحتل أن يزيل احتلاله، والسؤال المهم أيضا، من أين جاء هذا المتهور بأن السلطات الفلسطينية ستوافق على المقترح وتسمح بسيطرة الولايات المتحدة على غزة، لكونها صاحبة السلطة السيادية على الأراضي الفلسطينية، وهل سيوافق الشعب الفلسطيني على السيطرة لأي قوة على غزة، سواء هذا "الترامب"، وغيره.

وألم يدرك ترامب أن اتفاقيات جنيف ووفقا للمادة الـ49 منها، تنص على أن أحد أكبر الالتزامات التي تقع على عاتق القوة المحتلة لدولة أو منطقة تحظر على المحتل نقل السكان قسرًا أو إبعادهم عن أراضيهم،.. فكيف فوض هذا المتهور من تهجير شعب؟، بل كيف تسمح الولايات المتحدة، لنفسها بأن تنتهك القانون الدولي، والذي ينص على إلزام جميع الدول بعدم مساعدة أي مُحتل في انتهاك القانون الإنساني الدولي,

بل أكثر من ذلك، وبمد الخط على استقامته، ووفقا للقانون الدولي، فإذا أرادت الولايات المتحدة نقل سكان غزة بالقوة، فلا يمكن لإسرائيل مساعدتها في ذلك، باعتبارها قوة "احتلال"، ولا يمكن أيضا لأميركا مساعدة إسرائيل في انتهاك القواعد.

ما يصبو إليه دونالد ترامب يحتاج إلى موقف عربي ودولي واضح وقوي لمواجهة جنونه، خصوصا أنه يدخل في مفهوم التطهير العرقي، لكونه يريد استخدام القوة في إجبار سكان غزة، وربما الضفة الغربية، لإبعادهم عن أرضهم، وهو ما يتطلب اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد مثل هذا الإجراء من أي دولة، واي دولة تدعم هذا التطهير، بالعقوبات والمقاطعة التجارية.

وفي هذا فقد قال "كريس فان هولن" السناتور الديمقراطي الأميركي" إن اقتراح ترامب بطرد مليوني فلسطيني من غزة والاستيلاء على الملكية بالقوة، إذا لزم الأمر، هو ببساطة تطهير عرقي تحت مسمى آخر".

وهو ما قالته بنفس المعنى رشيدة طليب، عضو مجلس النواب الديمقراطية والفلسطينية الأميركية، بأن الفلسطينيين لن يذهبوا إلى أي مكان، ولا يستطيع هذا الرئيس أن يعلن هذا الهراء المتعصب إلا بسبب الدعم الحزبي في الكونجرس لتمويل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

ألست تلك هي أمريكا ذاتها التي خاضت وتخوض حرباً ضد روسيا، بسبب ضم موسكو شبه جزيرة القرم إليها، بل أكثر من ذلك، فإن القانون الدولي يعتبر دونالد ترامب في حال قيامه بما يفكر فيه، مسؤول بصفته وشخصه، مرتكب ومحرض على التطهير العرقي والنقل القصري، وهو ما يتطلب مطاردته دوليا، ورفع كل أدوات التهديد ضده، ومن يسير في ركبه، مع التأكيد على أن خرق القواعد الدولية ليس بالأمر السهل.. فهل يدرك العرب وكل العالم ذلك.
---------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | نتائج انتخابات الصحفيين وماذا جرى؟